هل تنتقل صراعات المعارضات السورية إلى لبنان
د.نسيب حطيط
دخلت ما يسمى الثورة السورية مرحلة التدمير الذاتي أو التدمير عن بعد بقرار خارجي وبدء مرحلة الهجرة المعاكسة الى البلاد التي صنعتها.
بدأ الحراك الشعبي السوري مطالباً بالحرية والحقوق والديمقراطية ورفع الغبن ومكافحة الفساد فاستجاب النظام مبدياً استعداده لدراسة مراحل الإصلاح بشكل تدريجي ولكن من حرك الثورة استعجل تسليحها وعسكرتها وواكبت قناتي الجزيرة العربية بالفبركات والتزوير هذه الأحداث لتطويرها وإشعالها بالتزامن مع بعض الفتاوى لإضفاء الطابع الديني والشرعي على القتل فكانت فتاوى القرضاوي وبعض المشايخ السلفيين "فليقتل الثلث لينجو الثلثان" !
لقد تم تلقيح الثورة السورية بالجماعات المسلحة الآتية من القاعدة ومن (داعش) ومن المساجين في سجون الخليج والغرب فصارت الثورة مزيجاً هجيناً من الصادقين البسطاء في سوريا ومن المتاجرين والمقاومين الثوريين ومن الإنتهازيين والوصوليين مع نكهة إرهابية سلفية وبعض عصابات الإجرام واللصوص وكل ذلك بقيادة متعددة الرؤوس ما بين الداخل والخارج وأجهزة المخابرات الدولية والأقليمية والطموحات الشخصية للملوك والرؤساء والأتراك فضاعت الثورة... صودرت الثورة وتم تحويلها إلى شركة مساهمة للقتل والسرقة وبيع السيادة والإنحراف الفكري والديني والوطني صارت الثورة "إبنة" لآلاف الرجال لإمرأة واحدة تسمى "سوريا الجريحة والسبية".
لقد دخلت المعارضات السورية مرحلة الإنتحار والتصفيات الثنائية بعدما شعرت بقرب الحل السياسي وان مركب المعارضة لا يتسع للجميع وأن المؤونة السياسية والطموحات لا تكفي للجميع فبدأ السباق والتنافس للسيطرة على "سترة النجاة" قبل غرق القارب ولا بد من قتل الرفاق والأخوة لأن الحياة للأقوى ولا يمكن إطعام الجميع في (جنيف 2) أو للمرحلة الإنتقالية، تتصارع الدول فيما بينها للإمساك بالجغرافيا قبل الجلوس على طاولة الحل السياسي ، فاشتبكت أجهزة المخابرات مع بعضها بواسطة أدواتها في الداخل السوري، فتصارع العلمانيون مع الإسلاميين والسوريون مع المرتزقة التكفيريين، والتكفيريون السوريون ( النصرة) مع التكفيريين العالميين (داعس) واللصوص مع بعضهم البعض وكل هؤلاء مع الجيش النظامي والدولة السورية ومع كل هذه الصراعات والإشتباكات يتسلل العدو الإسرائيلي والمخابرات الغربية ليعيث في سوريا فساداً.
لكن نار الصراعات بين المعارضات السورية بدأت بالتمدد نحو دول الجوار وأولى بوادرها تهديد الدولة الإسلامية في العراق والشام للسلطات التركية بضرورة فتح المعابرالحدودية وإلا فالإنتقام سيكون في أنقره واسطنبول ... خاصة وأن القاعدة تنتشر في جنوب تركيا في مدن أورفه وديار بكر كما ذكرت صحيفة "يورت تركيا" وتجبر الشباب الأتراك للجهاد في سوريا ومن يهرب عليه أن يدفع فدية مالية للسماح له بالعودة إلى تركيا.
والسؤال.... بعدما فتحت الحدود اللبنانية - السورية في عرسال وعكار للتسليح والإستشفاء والإستجمام للمقاتلين في سوريا ....ألن يتمدد هؤلاء المسلحون بعد حصارهم في سوريا ويهربوا إلى لبنان كمنفذ للعودة إلى بلادهم كما استعملوه بالدخول إلى سوريا.
ألن يعمل هؤلاء على إفتعال الأحداث وإقامة إمارات في الشمال والبقاع...
ماذا لو تسلل هؤلاء إلى المناطق المسيحية الجبلية والوعرة والفارغة من سكانها أو المراقبة والتي تمثل ملجأ طبيعياً محصناً لهؤلاء الهاربين من أفغانستان ؟
ماذا لو انتقل الصراع المسلح بين الجماعات المعارضة في سوريا إلى النازحين السوريين في لبنان ؟
ماذا لو بدأت التصفيات بين قيادات المعارضات السورية في لبنان ؟
ماذا لو بدأ الخطف والخطف المضاد كما يجري في سوريا؟
لبنان على فوهة البركان...فهل سيبادر المسؤولون والقوى السياسية بعيداً عن المزايدات والمذهبية لمعالجة هذا الملف وضبط النزوح والتمييز بين "النازح" و "العامل" و "الإرهابي" و "رجل الأعمال والطالب" وفق إستمارات عند دخولهم إلى لبنان ،للتمكن من معالجة أمورهم وضبط أمنهم وتأمين حاجياتهم بالتزامن مع ضبط الأمن اللبناني ... وكرامة الإخوة النازحين ؟ أم سننتظر وصول داعش والنصرة ؟